بكل أسى وألم تحدث الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة عن تجدد الاشتباكات في بيروت صباح يوم الجمعة، مما أدى لمقتل 10 أشخاص فقال: لا أدري لماذا تستهدف هذه الأزمات المناطق العربية؟ وكأننا لسنا على مستوى لتحمل المسؤولية، إن بكل أزمة الفرص تسنح للجميع، لماذا التصعيد الخطابي والعسكري؟ بقاء البلد بدون رئيس أزمة، أليس في البلد رجل حكيم يلتف حوله الناس؟ في الواقع نتألم لمثل هذا، هذه الأمور لن تبني حكومة أو دولة أو مستقبلا، ولن تخدم الأحزاب المتناحرة، بل سيخدم هذا الوضع الدولة الصهيونية، وحقيقة نتألم من جمود الموقف بلبنان، تبادل التهم بين ولاء هذا وذاك، التصعيد الخطابي بالتحليلات السياسية، الحرب أولها كلام، لابد من التنازل عن بعض الحقوق في ظل هذه الأزمات لنكسب دولة ونحافظ عليها.
ثم وضَّح فضيلته ببرنامج الحياة كلمة اليُتم واليتيم ومعناه فقال: أقسم الله سبحانه وتعالى في سورة الضحى لنبيه صلى الله عليه وسلم أنه ما ودَّعه ولا قلاه ولا تركه، ويعدد الله آلاءه على نبيه صلى الله عليه وسلم، فالعرب يسمون من فقد أمه وأباه باللطيم، واليُتم ما قبل الاحتلام «البلوغ» للذكر والأنثى لأنه بعد البلوغ، يستطيع أن يتحمل مسؤولية نفسه. ثم أضاف العودة إشراقات بلاغية من القرآن عن اليُتم فقال: بدأ الله بقوله تعالى (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى)، ولم يقل «آواك» لأن «آوى» أبلغ وبها معنى إطلاق وفيها إشارة لطيفة عن الإيواء وهذا حق اليتيم، فالنبي صلى الله عليه وسلم إمام البشرية جمعاء ليس للأيتام فحسب، هذه السورة مكية وفي مكة يتكلم عن اليتيم من ناحية المشاعر ورعاية الضعفاء، ثم قال: (فَأَمَّا اليَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ) لذا كان صلى الله عليه وسلم يقول «أنا وكافل اليتيم كهاتين»، ثم في آية أخرى قال تعالى (أَرَأَيْتَ الَذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ) ما علامته؟ (فَذَلِكَ الَذِي يَدُعُّ اليَتِيمَ) أي يدفعه دفعا شديدا، فمن أراد أن يلين قلبه يمسح على رأس اليتيم، الطفل يحتاج إلى لمسات حانية تزيد من طاقته لكن بدل أن يلمسه بلمسة حانية يدفعه، فالحاجات المعنوية مهمة لليتيم كما الحاجات المادية، أما القرآن المدني ففيه التشريع نكاح اليتيمة، الجانب الأخلاقي يتحول على جانب تشريعي قانوني بالمدينة.
ويوضح الشيخ العودة من هو اليتيم بقوله: اليتيم من فقد أباه أو أبويه في حادث أو موت، ومن فقد أبويه بانقطاعه عنهما فأولى أن يكون يتيما، ومن الأسر الإيجابية أن يكفل الأقارب اليتيم، ولعل أشد حاجة من تيتم بانقطاع أهله كغصن مقطوع من شجرة وأصبح مجهول النسب، وكون الإنسان لا يعرف أهله ليس شرطا أن يكون أتى من طريق غير شرعي فمثلا ظروف انفصال تكافؤ نسب أو مات أبويه فظروف الحياة لا تتناهى، والقرآن الكريم كرَّس قضية (أَلاَّ تَزِرُ وازِرَةٌ وزْرَ أُخْرَى) فمجهول النسب لا يُسأل عما فعله والداه، فالمسؤولية فردية والتبعية ليست على الابن بموت الأبوين أو جهالتهما، فلابد من مخالطتهما بالأكل والشرب والمال.